فضل صيام يوم عرفة وأحكام الأضاحي وآداب العيد





إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,المتعال عن الأندادوالأضداد,لا رادلقضائه,ولامعقب لحكمه,ولاغالب لأمره،وأشهدأن سيدناوحببناوعظيمنامحمداً عبده المصطفى، ونبيه المجتبى،ورسوله المرتضى,صلى عليه ربنادئماأبدا.
أرسله الله بالدعوة الإسلامية,فهدى به البشرية,وزلزل به كيان الصنمية,وأضاء به سبيل الإنسانية,فشرح به الصدور,وأناربه العقول,وفتح به القلوب.
صلى الله عليه وآله وسلم,ماحاد الليل والنهار,وماهطل المزن على الأزهار,وماغرد الحمام أوطار.
أيها الناس:أنتم في أيام عظيمة عظم الله شأنها وأقسم بها في كتابه الكريم العظيم,فقال جل في علاه وتقدس في علياء سماه:{وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ},وتبث في الجامع الصحيح المسند للبخاري وسنن أبو داود والترمذي عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ،عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:{مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ},يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ،قَالُوا:يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟قَالَ:{وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ،فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ}.
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما,أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ،وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ  الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ،فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ،وَالتَّكْبِيرِ،وَالتَّحْمِيدِ}.ومن أعظم الأعمال الصالحة في أيام عشر ذي الحجة الصيام؛وفي الصيام يقول المصطفى العدنان صلى عليه إلاله المنان ,كما ورى الشيخان من حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،قَالَ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:{مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ،بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا},وآكد الصيام وأفضله في عشر ذي الحجة صيام يوم عرفة لغير الحاج؛كما ثبت في صحيح مسلم نْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم,سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ:{يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ}.
ورى ابن ماجة في سننه عن أَبِي قَتَادَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ،إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ،وَالَّتِي بَعْدَهُ}.                                 
روى أبوداود في سننه عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ،عَنِ امْرَأَتِهِ،عَنْ بَعْضِ،أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ:{كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ،وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ،وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ}.
فأما صيام عرفة الذي وقع يوم الجمعة يجوز صيام هذا اليوم منفردا,فهذا من باب العام المخصوص منه البعض كما يقول الأصوليون,مثاله قال الله تعالى:{حرمت عليكم الميت والدم},ورد في سنن ابن ماجة,من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ،أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:{أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ، فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ، فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ}.
وأما الحديث الذي ورد في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:{لاَ يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ،إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ}.
و أخرج البخاري في صحيحه أيضا من حديث عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ،فَقَالَ:{أَصُمْتِ أَمْسِ؟} قَالَتْ:لاَ،قَالَ:{تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟},قَالَتْ:لاَ،قَالَ:{فَأَفْطِرِي}.
فهذا النهي ورد في الذي خص يوم الجمعة بصوم دون مصادفة أي شعيرة من شعائر الله كيوم عرفة,أو يوم عاشوراء.
عباد الله:إن من الأعمال العظيمة في عشر ذي الحجة وفي أيام التشريق كذلك التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضحية أو نحرها:من الإبل،أو البقر,أو الغنم،والأضحية مشروعة بكتاب ربنا وسنة نبينا صلوات ربي وسلامه عليه,وإجماع علمائنا.
 فأما كتاب ربنا,فقد قال الله جل وتعالي:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ},وقال تعالي:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ},وقال تعالى:{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا}.
 وهذه الآية تدل على أن الذبح تقرباً إلى الله تعالي مشروع في كل ملة لكل أمة،وهو برهان بَيّنٌ على أنه عبادة ومصلحة في كل زمان ومكان وأُمَّة.
وأما سنة نبينا صلي الله عليه وسلم,فقد ثبت مشروعيةُ الأضحية فيها بقول النبي صلي الله عليه وسلم وفعله وإقراره،فاجتمعت فيها أنواع السنة الثلاثة:القولية،والفعلية،والتقريرية.
ففي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:{من ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه،وأصاب سنة المسلمين}.
وفي الصحيحين أيضاً عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:{ضحى النبي صلي الله عليه وسلم بكبشين أملحين ذبحهما بيده،وسمي وكبر ووضع رجله على صفاحهما}.
وأما إجماع المسلمين على مشروعية الأضحية فقد نقله غير واحد من أهل العلم.
قال ابن قدامة المقدسي,(في المغني):{وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ}.
والأضحية هي سنة أبينا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام،حين فدى الله ولده بذبحٍ عظيم,وقال سبحانه وتعالى:{فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ},واختلف أهل العلم في حكم الأضحية أهي واجبة أم سنة مؤكدة:والذي عليه أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ أمها سنةٌ مُؤَكَّدَةٌ غَيْرَ وَاجِبَةٍ  للقادر عليها وذلك لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ولمواظبته عليها في السفر والحضر.
قَالَ مَالِكٌ في موطئه:{الضَّحِيَّةُ سُنَّةٌ،وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ,وَلاَ أُحِبُّ لِأَحَدٍ مِمَّنْ قَوِيَ عَلَى ثَمَنِهَا،أَنْ يَتْرُكَهَا},أي أنها سنة مؤكدة على كل مقيم ومسافر إلا الحاج،فالسنة في حقه ذبح الهدي.
 إذن فالأضحية سنة مؤكدة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي كل سنة،فهي سنة من قوله وفعله عليه الصلاة والسلام، والأحوط للمسلم أن لا يترك الضحية إذا كان ميسوراً له قدرة عليها اتباعاً لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم:القوليَّة،والفعليَّة،والتقريريَّة،وبراءة للذمة، وخروجاً من الخلاف عند من قال بالوجوب.
ولا تكون الأضحية على هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا باجتماع شروطها،وانتفاء موانعها،وشروطها أربعة:أن تكون مِلكاً للمضحي،مَلَكَها بطريقٍ مشروع،وأن تكون من بهيمة الأنعام: من الإبل، أو البقر، أو الغنم، وأن تبلغ السن المعتبر شرعاً،فمن الإبل خمس سنين,ومن البقر سنتان، ومن  المعز سنة كاملة،ومن الضأن ستة أشهر.
 روى مسلم في صحيحه من حديث  جَابِرٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً،إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ،فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ},والمسنة:الثنية فما فوقها من الإبل والبقر والغنم.
ومن الشروط أن تكون الأضحية سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء،ومن هذه العيوب ما ثبت في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال:قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:{أربع لا تجوز في الأضاحي},وفي رواية:{لا تجزئ},{العوراء البين عورها،والمريضة البين مرضها،والعرجاء البين ظلعها،والكَسِيرُ التي لا تنقي وفي رواية,{والعجفاء التي لا تنقي},رواه الخمسة,وقال الترمذي:حسن صحيح.
 فالعوراء البيِّن عورها:هي التي انخسفت عينها أو برزت، والمريضة البيِّن مرضها:هي التي ظهر عليها آثار المرض، والعرجاء البيِّن عرجها:هي التي لا تستطيع مرافقة السليمة، والكسيرة: هي الهزيلة،ومعنى التي لا تنقى:أي التي ليس فيها مخ.
ويلحق بهذه الأربع:ما كان عيبه أعظم وأكبر من هذه العيوب: كالعمياء،ومقطوعة إحدى اليدين،وما شابه ذلك. وقد أضاف بعض العلماء نوعاً خامساً في عدم الإجزاء وهي العضباء:وهي ما ذهب نصف قرنها أو أذنها واحتجوا بحديث على بن أبي طالب رضي الله عنه قال:{نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُضَحَّى بِأَعْضَبِ القَرْنِ وَالأُذُنِ},رواه الخمسة,وقال الترمذي:حسن صحيح.
والعضب ما بلغ النصف فما فوق،واختاره الإمام الخرقي في مختصره،وابن قدامة، والشوكاني وغيرهم,وهذا هو الأبرأ للذمة أن لا يُضحى بأعضب القرن والأذن خروجاً من الخلاف.
ويكره في الأضاحي:المُقَابَلَة،وهي التي شقت أذنها من الأمام،والمُدَابَرَةُ وهي التي شقت أذنها من الخلف عرضاً، والشَّرْقَاءُ:التي شقت أذنها طولاً،والخَرْقَاءُ:التي خرقت أذنها؛ لحديث على رضي الله عنه،قال أمرنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَيْنِ،وَلَا نُضَحِّي بِعَوْرَاءَ،وَلَا مُقَابَلَةٍ،وَلَا مُدَابَرَةٍ،وَلَا خَرْقَاءَ،وَلَا شَرْقَاءَ},رواه الخمسة،وقال الترمذي:حسن صحيح.
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة،ونفعني وإيَّاكم بما فيهما من الآيات والحكمة،أقول ماتسمعون,وأستغفرالله لي ولكم فاستغفروه,إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه،والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم! صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه,أما بعد.
أيها المسلمون:إن أفضل الأضاحي أكملُها؛لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك،فعن عائشة رضي الله عنها,{أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ،وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ،وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ،فَقَالَ لَهَا:{يَا عَائِشَةُ،هَلُمِّي الْمُدْيَةَ}،ثُمَّ قَالَ:{اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍفَفَعَلَتْ:ثُمَّ أَخَذَهَا،وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ،ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ:{بِاسْمِ اللهِ،اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ،وَآلِ مُحَمَّدٍ،وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ،ثُمَّ ضَحَّى بِهِ},رواه مسلم.
وروى ابن ماجة في سننه من حديث عائشة رضي الله عنها:{أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ،اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ،سَمِينَيْنِ، أَقْرَنَيْنِ،أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ،فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ،لِمَنْ شَهِدَ لِلَّهِ، بِالتَّوْحِيدِ،وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ،وَذَبَحَ الْآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ،وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ}.
 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:{ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ،يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ،وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ},أخرجه الأربعة,وقال الترمذي:حسن صحيح.
وكان الصحابة يُسمِّنون الأضاحي،قال أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه:{كنا نسمِّن الأضحية بالمدينة،وكان المسلمون يسمِّنون},رواه البخاري,وهذا من تعظيم شعائر الله,قال تعالى:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}. وغير ذلك من الصفات الحسنة التي تزيد الأضحية كمالاً، وجمالاً؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.
ويبدأ وقت ذبح الأضحية بعد صلاة العيد من يوم الأضحى، قال صلى الله عليه وسلم:{من ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين},ويمتد الذبح إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من أيام التشريق،فيكون الذبح أربعة أيام: يوم النحر،وثلاثة أيام التشريق.
والشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهل بيته،والبدنة من الإبل تجزئ عن سبعة،والبقرة عن سبعة؛لحديث جابر رضي الله عنه,قال:{خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُهلِّين بالحج فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منَّا في بدنة}.
فعلى المرء أن يأكل من أضحيته، ويتصدَّق منها،ويدَّخر؛لقول الله تعالى:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ},وأخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم,أنه قال:{كُلُوا،وَأَطْعِمُوا،وَاحْبِسُوا,وادَّخِرُوا}.
عباد الله:اختموا هذه العشر المباركة بالاجتهاد في باقيها؛ فإن الأعمال بالخواتيم،واستقيموا بعدها على طاعة الله، واحذروا من معاصيه.
فاتقوا الله يا عباد الله، واتقوا غضبه وسخطه، وعقابه، والتزموا بطاعته تعالى.
هذا ولنجعل مسك الختام كثرةَ الصلاة والسلام على بدر التمام,وشفيع الأنام,سيدِنا محمدٍ الرسول المصطفى,والنبي المجتبى,اللهم صل وسلم عليه وعلى أزواجه أمهات المؤمنين الطاهرات,وعلى آله الأطهار,وصحابته الأبرار,وارض اللهم عن خلفائه الأربعة,ذوي القدر العلي,والشرف الجلي,ساداتِنا أبي بكر وعمر وعثمان علي.
اللهم اغفرنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أسرفنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
اللهم انصر الاسلام والمسلمين,واخذل من خذل المسلمين يارب العالمين.
اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته و لا كربا إلا نفسته,و لا عسيرا إلا يسرته,و لا عدوا للإسلام إلا دمرته.
اللهم نعوذبك  من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء.
اللهم حَبَّبَ إِلَيْنا الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِنا وَكَرَّهَ إِلَيْنا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وجعلنا من الرَّاشِدُينَ.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا,وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم فرج هم المهمومين واقضي الدين عن المدينين وفك أسرى المأسورين واشف مرضانا ومرضى المسلمين........
تأليف الشيخ:عبدالقادر لعباد

تصنيف :

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
  • تابعنا